بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد ,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,, لان الصراع مع الشيطان دائم لا ينقطع لا سيما إذا أخذ الانسان أهبة السفر وبدأ فى رحلته إلى الله , فتأملت فى نفسى طويلا وحالى مع ذلك العدو الخبيث لسنوات فوجدت انه يصارع على ثلاث جبهات على التوازى وهى :
الشهوات و الشبهات و التسخط ,
ورأيته فى صراعه يتبع اسلوب شبيه باسلوب الاحتلال العكسرى للجيوش المتحاربة , ولكن الصراع هنا يدور داخل القلب وليس على وجه الأرض .. فمن اساليبه المتكررة هو استدراج بالشهوات ليظفر بمساحة فى القلب ومن ثم ينفث فيها سموم الشبهات ونيران التسخط والاحقاد والتى بدورها تساعده ليتقوى على جولة اخرى ليفوز بمساحة جديدة ينفث فيها سمه من جديد , وهكذا , الى ان يستولى على كامل مساحة القلب وعندها هيهات ان ينتفع صاحب هذا القلب بنصيحة او ينزجر بموعظة .
ولتوضيح الامر فهو يستدرج الانسان من باب الشهوات (لسهولة ولوجه من خلاله) ثم ما يلبث ان ينفذ حتى يبث الشبهات - التى ربما قد مرت على الانسان سابقا ولم يلتفت لها ولم يتاثر بها - ولكن هذه المرة ولأنه اعطى عدوه الفرصة فقد تسلط عليه فاصبح للشبهة اثر كبير وغصاصة فى القلب ولو لم يتدارك الانسان نفسه ستؤدى هذه الشبهة لظلمة فى قلبه يتقوى بها الشيطان على معركة اخرى يسيطر بها على مساحة اخرى ولا سيما إن استطاع ان يوقع الانسان فى ذنب اخر قبل ان يتوب من الذنب السابق , وهكذا الى ان يستحوذ على كامل القلب وعندها حدث ولا حرج عن الشبهات المتلاطمات والظلمات الحالكات والتسخط وسوء الظن وكل ما خطر ببالك من الشرور وأنواع الآثام.
----
ولعل هذا يفسر لماذا تمر الآية الكريمة على شخص فينتفع بها ايما انتفاع ويخشع لها قلبه ايما خشوع وتخضع لها جوارحه ايما خضوع , وسبحان الله تمر الآية الكريمة نفسها على آخر فلا تزيده الا نفورا وتيها وحيرة وشكا وضلالا
ويفسر ايضا انك ترى من يعانى من ضيق ذات اليد وشظف العيش ومع ذلك لا تفارق وجهه الابتسامة ولا يفارق قلبه البهجة والسرور وتجد فى المقابل من قد حيزت له الدنيا بحذافيرها ولا تراه الا عابسا عبوسا ساخطا متسخطا
----
فالسؤال الان هو كيفية الحفاظ على هذا القلب وحمايته من عدوه , وتكون الإجابة عن طريق التحصين المتين و الاستعداد للهجوم المضاد و شن هجمات استباقية
فالتحصين بأن يكون القلب دوما عامرا بمحبة الله مشغولا بذكر الله مقبلا على طاعة الله , والمواظبة على ذلك تجعل القلب قلعة حصينة لا يكاد الشيطان يقترب منها فضلا عن الولوج إليها
والاستعداد للهجوم المضاد بأن يوطن الانسان نفسه انه كلما أذنب أحدث توبة عاجلة وإنابة كاملة تدحر العدو وتطرده خائبا مخذولا
وشن الهجمات الاستباقية بأن يكون للإنسان رصيد من فعل الطاعات ومقاومة للمحرمات تخزى الشيطان وتجعله يفر من ظل صاحبها
واخيرا ليعلم المؤمن ان اقوى سلاح لديه هو اعتصامه بالله عز وجل وأن الله من اسمائه البر ومن بره سبحانه ان يلطف بعبده وينجيه من المهالك طالما كان لهذا العبد حالا مع الله فى وقت من الاوقات , فاحرص يرحمك الله ان يكون لك حالا مع الله فى وقت اقبال قلبك على الطاعة بالغ فى الاحسان وفى ان يكون بينك وبين الله سر خفى من طاعة لا يعلم بها الا الله عز وجل عساك ان تصيبك رحمة لا تشقى بعدها أبدا...
نسأل الله ان يوفقنا ويهدينا سبل السلام